شعر فصحى

سلمان داود محمد

” في انتظار ب
….
في انتظار باص خارج الخدمة

سلمان داود محمد

(1)
أنا مخترع النسيم في الأصياف الحزينة ..
أهشُّ البق عن الجثث مرة
وأنظّف الجمر من الرماد مرات ،
مصلوب على واجهات الدكاكين أحياناً
ومُسَجّى على الأرصفة في كل حين ..
أنا سعف قديم صار مروحة يدوية ..
هكذا يضيع زماني
وأنا أراقب جثمانكِ المهيب أيتها النخلة ،
جثمانكِ المساق الى معامل تصنيع السياط الآن ،
وورش إبتكار المنابر في كل آن …

(2)

كل المصابين بالزكام على صواب
حين أخطيء في تعداد رائحتكِ ..
العاملون في وزارة المتنزهات ( أنموذجاً )
منغمرون بعطركِ ،
منهمكون في حفظ نكهتك بلا ملل في الأضابير ..
الأضابير التي فاح منها عبيركِ
نحو المبنى المجاور
حيث المدرسة
والمعلم الذي في هدوء الدرس يصيح :
– إزرع أيها الوغد ولا تقطع –
وعلى أعلى عروة معطفه الأسود سوسنة ..
فأهرب من درس ( الأخلاق ) نحو جرس المدرسة ،
وأرنّ ..
أرنّ معاتباً الفلاحين على جراد نواميسهم
والتربويين على قلّة الأدب
والسدنة على الوشاية بالله
وأنا .. المطعون دائماً بحسن السيرة والسلوك
كلما أتلو في درس الدين أسماء مفاتنكِ الحسنى …
فأهدوني شوارع التوبة بسخاء
وأهديتهم تسكّعي ( صلعم ) ….

(3)

أستعين بالحنين على ابتعادكِ
فتستقوين بأساطيل اللامبالاة على كوخ انتظاري …
أتوكّل على الله في اختزال المسافة
فتتوكلين عليه أيضاً بحذف الميناء من حلم البواخر …
متى ستنتهي حربنا المزدهرة هذه ..؟
متى .. ؟
والفكرة المتنازع عليها بيننا
مجرد جسر
يربط ” رصافة “* جرحي
بـ ” كرخ “* ضمادك …

(4)

أستودعكِ إشتعالي أيتها العتمة
أستودعكَ الليالي أيها الأرق،
لا شأن لي بأطاريحكم الكحيلة
سوى أن يرى الوداع ودائعه ،
ودائعه .. وهي تتعرى دامعة
برعاية وطن مَزاد
كل شيء فيه معرّض للبيع …
للبيع ..
وللرحيل ..
وللتلف …

(5)

العالم في غيابكِ اسكافي قديم
عاد الى البيت بأطراف صناعية
وكيس خطى ذابلة ..
أولاده أحذية وبناته قباقيب
غالباً ما يستقبلونه بـصيحة ونصف:
متى تأتي لنا بالشوارع يا بابا ؟!
أرواحنا جائعة …

(6)

أنا الناطق الجلناري لرمادي ..
لم يبق لي غير الأصابع
وقد أصابتها ( هي الأخرى ) لعنة الخرس …
لم أستطع التلويح لأحد
وهذه المناديل / مناديلي
لتكفين أيدي الوداع هي
وتنظيف زجاج القطارات التي لا تؤدي إليك .. فقط ..
..
شكراً جريحة للأغاني كلها
وهي تنوب عني في حفلة المنفلقات المكررة بلا ملل ،
ذلك أن موسيقاي جثث
والكمنجات نعوش …
والبلاد
على
سفر …

(7)

كلما افترقنا سقط من الخارطة وطن ….

(8)

لاشيء يستحق الذكر
سوى اقتتال بين براميل أخَويّة
على عربة نفط يجرّها وطن …

(9)

سأحرجكِ أيتها البلاد .. هكذا :
أحتذي نعال خطى أكلتها العبوات ،
وأهتف بـ ( اسكافي الأمل ):
إصلح لنا الدروب أولاً
قبل أن تطالبنا بحكمة الأحذية …

(10)

في مقتبل العمر
كانت الى ” حديقة الأمة ” تقتادني الأم
كي أتعلّم الخضرة وأنمو ،
فتنامى العشب بي وبلغتُ سن العطر …
في غفلة من أمي
إقتادني الآب الى هناك ..
الى الحرب ،
كي أتعلّم البلاد والأناشيد والبنادق …
فتعلّمتُ قتلاي والقمل المتكاثر في رؤوس السطور ..
في غفلة منّي
ماتت الأم ، والأب كذلك
وظلت الحرب
تدور بي على الخرائب
وتصيح عبر مكبرات الصوت :
هذا الوطن التائه
لمن ؟؟؟ ….

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً

إغلاق
إغلاق