كبائع يانصيب على الرصيف
عبدالله المتقي
==
إلى عبدالله بن ناجي
بعد انتهاء الحرب ،
قرر أنه سوف يبحث عن موت عاجل
أو سكتة لحياته السيئة
كأن يرمي نفسه من النافذة على سبيل المثال
وكان عليه أن يفعل ذلك
كي يقلص الفارق
بينه وبين الساعة العاشرة انتحارا
بعد انتهاء الحرب ،
سيفكر طويلا كفيلسوف وجودي
سيوجعه رأسه
سيظل يدخن
كأي متقاعد يلعب ” الضامة””
تحت صفصافة مسنة
قبل ان يقرر أن عليه أن يفعل الموت
بعد انتهاء الحرب ،
كان عليه أن يكره الحياة
كما يحق له أن يغطي جثته بالتراب
وعندما يموت
سيشرح لله حينها
أنه مات أكثر مما ينبغي
وأن الحزن كثير ، ولا عصافير في السماء
====
إلى محمد فاتح زغل
بسبب الحرب ..
قد يحدث أن أجلس على السكة
مثل مسافر ضيع حقائبه
في حانة البطريق
كي أنتظر قطارا سريعا
يدهسني في ظروف عادية
بكامل قلقي وأناقتي
ثم أدفنني دون نوايا سيئة
في مقبرة الوقت
بسبب الحرب ..
قد يحدث أن لا ألتفت حينها
لزملائي النهاريين الذين لا يكتبون قصائد
خارجة للتو من مصحة
مرضى المجاز
وبسبب الحرب …
قد يحدث أن أجمع أشلائي
دون حاجة لسيارة إسعاف
أو شرطة علمية
فقط ..
أكتفي بالتزام لدى شباك التذاكر
أبرئ فيه هذا الوطن
الذي لم يعد يتقن سوى اغتصابي
في ثلاجة الموتى
====
إلى محمد آيت ميهوب
1
بإمكانك أن ترتشف حزنك وحيدا
على أريكة في ركن بلكون
يطل على مارة يمشون بلا تباطؤ
وبلا مظلات تحت شمس
حارقة وشريرة
وأحيانا تسمع خطواتهم
في قلبك الذي يسع جبلا بكامله
2
بإمكانك أن تستيقظ من كوابيسك
مذعورا كجبان يملأ روحه الخوف
تعانق مخدتك
تجففها من عرق أحلامك المرعبة
ثم تترك قلبك لمنتصف الليل
كي يهدهده في أرجوحة من الأرق
3
بإمكانك أن تصاب برصاصة خطأ
من دون أن يلوث الموت
ربطة عنقك البيضاء
ويحدث أن لا يسير في جنازتك جمهور غفير
كما يحدث أن لا تدفن في مقبرة للشهداء
فقط؛ بملء استشهادك تصعد عاليا
4
بإمكانك أن تدبر مكيدة للغة
كي ترتكب معصية مجاز
بجنون صغير
وقد تأكلك القصيدة
قبل أن تزرع أحلاما جديدة
لا تروق للكسالى
5
بإمكانك أن تكون لوحدك
في هذا العالم الذي يساوي حربا
ولا بأس من بارق أمل
في أصابع تأتي بالشمس
وتعيد الدم إلى شرايينك
كي تعيش في الكنايات والاستعارات أكثر
6
بإمكانك أن ترمي شباكك في البحر
وحين تكون الأسماك في مكان ابعد
ستلعن البحر في المساء حتما
ستقضم أصابعك بنهم
ستغسل بأناقة ما تبقى من يديك
وتعود إلى كوخك على إيقاع صفير حزين
يتدفق بملء قلقك
