شعر فصحى

فهر الشامي

تلويحات باريسية

تَلويحاتٌ بَاريسيّة
………………

لَيسَتْ خُرَافَةً..
الشُّعَرَاءُ يَحْلُمُونَ مَرَّةً وَاحِدَةً
وَهُمْ يَغمِسُونَ أَروَاحَهُمْ
فِي النَّهْرِ المقَدَّسِ،
ثُمَّ لَا بُدَّ مِنَ الشِّعْرِ
يَسَّاقَطُ عَلَى الأَرْضِ
مَطَراً بِكراً
**

مُنذُ اسْتَمطَرْتُكِ
فِي أَعَالِي جِبَالِ القَلَمُونِ،
وَالقَصَائِدُ تَنبُتُ هُنَاكَ
وَفِي السُّفُوحِ اللازَوردِيَّةِ
وَداخِلَ مَغَارَاتِ الشَّوقِ
تُغَنِّي نَشِيدَكِ الأَبَدِيّ

2
لَمْ يُحَلّقْ بَعدُ
اسْتَعَادَ جَنَاحَيهِ فَقَطْ
وَرَاحَ يَحلُمُ بِالغُيُومِ
**

قَالَهَا بِشَغَفِ طِفْلٍ:
لَا بُدَّ مِنَ الصُّعُودِ،
مُنذُ ذَلكَ التّاريخِ الصّغِير
وَهْوُ يَحمِلُ رِيشَتَهُ
يَرْسُمُ دُروباً وَغَابَاتٍ
وَأَنهَارا وَبِحَاراً
وَمُدُنًاً
وَأَزهَارا
**

مِنْ أوراقِهِ المبعثَرَةِ:
أَنْ أَكُونَ نَبيّاً، يَجوز
أَنْ أَكُونَ شَيطَاناً، يَحدُث
أَنْ أَكُونَ إِنساناً!
هَذَا مَا أَتَمَنّاه
**

الشّعرُ وَالنُّبوءَةُ وِلِدَا مَعاً
ثُمَّ افِتَرَقَا إِلى الأَبَد

3
دَفاتِرُ المَطَرِ البَاريسيّةِ
لا تَحملُ أَسماءَ الشّهداءِ والمعتَقلِين
وَلَا المشَرّدينَ عَلَى الأَبوابِ،
ولا قَوَاربَ النَّجاةْ..
فَقَطْ
الكَثيرُ مِنَ الحُبِّ يُبَلّلكَ
وَأَنتَ تَمشِي مُنتَشِياً بِحُرّيّة
حَتَّى مِنْ دُونِ أَرصِفَة وأشجَار
وبَلا أَنوار
**

تَبقَى بَاريسُ فِكرَةً جَيِّدَةً
وَقَصيدَةً
وَتلويحَةً
وقُبلةً
**

الذّكريَاتُ لَيسَتْ فُسحَةً جَميلَةً
إِنَّها الهَوَاءُ الخَانِقُ يَتَسَلّلُ إِليكَ
وَأَنتَ تَحتَسي قَهوَةَ غُربَتِكَ
بَعيداً عَنْكَ
فِي بَاريسْ
**

الرُّكنُ القَصِيّ في قَهوَةٍ عَابرَةٍ
اتَّخَذَني صَديقاً بِلا أَوراق وَدندَنَات
سَأَتَمَسَّكُ بِقَلبِي جَيِّداً
إِنّهُ آَخرُ قِلَاعِ الحَيَاةِ
وَالرَّغبةِ
وَالوُجود
**

اللحَظَاتُ المستَحِيلَةُ لَا تَتَكَرّرُ
تَأتيكَ مَرّةً واحِدَةً
تَجعَلُكَ شَاعِراً نَبيّاً
وَتَمضِي

4
الأَشْجَارُ التِي تَجمّدَتِ في الصَّباحِ
اخْضَرّتْ مَسَاءً وَأَنْتِ تَنظُرِينَ إِليها
وَالذّئبُ الذِي أَطلَقْتُهُ مُنذُ زَمَنٍ
لَمْ يَبْرَحْ قَصَائِدِي
**

5
سَأرسِلُ إِلى نِينَا:
تَلويحاتِي البَاريسيّة الأَخيرة
كَانت للشّقرَاءِ السّوريّة أُوروبا..
**

لا تُصدِّقوا الشُّعَرَاءَ وَهُمْ يكتُبونَ الحُبَّ
صَدّقوهم عِندَما يَرسُمونَ
وَهُمْ يَعزِفونَ تَهويماتٍ مجنونةٍ
وَلحظَةَ يُغَادرونَ المسرَح
بِلا عَودَة
**

الخُطُوطُ الّتِي رَسَمَهَا عَلَى اللوحَةِ
لَيسَتْ جَسَدَ أُنثَى
إِنَها قَصِيدَةٌ جَدِيدَةٌ
بِلَا مَرَافِئ
**

أَيُّهَا البَائِسُونَ
دَعُوهُ يَعبُرُ أَورَاقَنَا المجنُونَةَ
يَتَجَاوَزُ مَعَاطِفَنَا البَلِيدَةَ
يُلَوِّننَا مِنْ جَديدٍ
عَلَّنَا نُزهِرُ رَبيعاً مُدهِشاً
وَنَأْتِي
أخيراً
.

ــــــــــــــــــــــــــــ خريف 2018 ــــــــــــــــــــــــــــ

فهرالشامي

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً

إغلاق
إغلاق