قصائد/ للشاعر السوري: فهر الشامي
………………………………
الجَاثِمُ عَلَى النَّافِذَةِ
لَيسَ شَبَحاً خَارِجاً مِنْ كِتَابِ سِحْرٍ
إِنَّهَا أَورَاقُ تِشرِينَ المَاكِرَة
حَلّتْ سَرِيعاً
تَلعَبُ مَعَ الرِّيَاحِ لُعبَةَ الوَدَاعِ
وَلا تَحتَفِظُ بِقَصِيدَةٍ وَاحِدَةٍ
لِلشّتَاءِ القَادِمِ
**
الخَرِيفُ الذَّاهِبُ فِي الغِوَايَةِ
الطَّالِعُ مِنْ ذَاكِرَةٍ مُتعَبَة
الغَرِيبُ الخَارِجُ مِن مَوتِه
لَا يَنْتَظِرُ أَسرَابَ الطُّيورِ المُهَاجِرَة..
لِيَأْتِي بِجُنُونِهِ
عَلَيهِ أنْ يُغَادِرَ بَيتَهُ إِلَى الأَبَدِ
رَصِيفَ ذَاكِرَتِهِ
مَرفَأَ بَوحِهِ
دَمَهُ
**
الأَورَاقُ الخَضرَاءُ
التِي تَظَاهَرَتْ عَلَى مَرأَى الكَونِ،
حَمَلَتْ أَشجَانَهَا الأَخِيرَةَ
وَاسْتَحَالَتْ خَرِيفاً شَاحِباً
وَهْيَ تَعْبُرُ الأَمكنَةَ
مِنْ دُونِ أَلَمٍ،
وَحَشرَجَاتِ
غِيابْ
**
إِنّها البِدَايَةُ فَقَطْ
لِلعَرَاءِ الطَويل،
لَا تَرتَعِدُوا فِي هَذَيَانِكُمْ..
الأَسمَاءُ المَنسِيّةُ فِي سِجِلاتِ المَوتَى
الأَرقَامُ الشَّاحِبَةُ
المُبَعثَرَةُ عَلَى التُّرَابِ المُوحِشِ،
سِجِلات السّنونو المَهَاجِرَة
حَوَاجِزُ المَوت
القُبُلاتُ الأَخيرَةُ للنَّهارِ
رَسَائِلُ القَتَلَةِ إِلَى عَشِيقَاتِهِمْ
صُوَرٌ جَردَاء قَاحَلَة..
وَثَمّةَ مَنْ يَقبَعُ فِي الرَّمَادِ
يَحضُنُ آَخرَ أَحلَامِه
لَا تَنبُشوا فِي الليالي
العَاصِفَةُ قَادِمَةٌ
الإِعصَارُ عَلَى الأَبوَابِ
المَطَرُ سَيَحلُّ
مُقَدَّسَةٌ خُطُوَاتُكم
أَيُّهَا المُسَافِرونَ فِي المَآقي
**
ذَلِكَ
الذي يَتَفَرّسُ وُجُوهَ المَارّةِ،
يَحتَكِمُ إِلَى لَحظَةٍ مُرْتَجِفَةٍ
لِيَنقَضَّ كَذِئبٍ
جَائِعٍ
…….
**
العَرَاءُ المُوحِشُ
يَهبِطُ عَلَى العَالَمِ البَائِسِ الثَّمِلِ
يَنزعُ آَخِرَ الأَورَاقِ
آخِرَ الوُجوهِ المُستَعَارَةِ
آخِرَ التَّوَاقِيعِ
يَرمِيهَا لِلرّيحِ
يَجتَثُّ مَا تَبَقَّى مِنْ أَغصَانٍ
وَأُغنِيَاتٍ وَمَدَارَاتٍ
وَأَحلَامْ
**
مَا تَقتَرِحُهُ الأَضْلَاعُ
قَلبَ نَبِيّ
بِالكَادِ يَخْرُجُ مُنتَصِراً
مِنْ صُندُوقٍ قَدِيمٍ
بِلَا تَمَائِم وَرَغَبَاتٍ
بجَناحَينِ ضَعِيفَين
**
العُبُورُ بَينَ عَالَمَيْنِ بَعِيدَينِ
مِنْ ثُقبٍ صَغيرٍ،
حُلُمُ طِفْلٍ
وَشَاعِرٍ
وَنَبِيّ
**
تَعَالِيمُ الاحْتِرَاقِ
لَا تَحتَاجُ مَعرِفَةً مُسبَقَةً
بَلْ قَلباً عَاشِقاً
رُوحاً خَالِدَةً
تَشِعُّ
**
يَدُهَا الأَيقُونَةُ
تَحتَلُ مَا تَبَقَّى مِنْ أَمكِنَةٍ
لَمْ تَصِلهَا يَدُ البَرَابِرَةِ..
تُسَجِّلُ وَلَعَهَا
فِي سِجِلِّ
جَسَدٍ
مُنَهَك
**
لا يَكفِي المِعطَفُ لِكِتَابَةِ قَصّة
وَلَا لِهُطُولِ قَصِيدَة
يَحتَاجُ العَابِرُونَ أَكثَرَ مِنْ وَطَن
في خَرِيفِ الانْتِظارِ!