مواساة العازف الإيراني ناصر علي *
في حضور دون كيخوته دي لامانشا
———————————–
في الغرفةِ…
و«دون كيخوته» رفيقي
أسألُه
هل ينجو صاحبُنا المُوسِيقي
الملقى فوق سريري
والراكضُ خلف كمانٍ مسلوبِ الصوتِ
ومحطومِ الجسدِ؟
هل ينجو
إن أدركَ أنَّا أصلحنا آلتَه
ورتقنا الأوتارَ الشيرازيةَ
وانسجمَ الصوتُ
ويسْطيع الآنَ
_ إذا جرب_
أن يمسكَ
بالتنهيدةِ تلو الأخرى
ويصيدَ الأنفاسَ الهابطةَ من الملكوتِ؟
يمكنُه أن يعزفَ كيف يشاءُ
فلا شيء هنا يخشاه القلبُ
لتسقط موسيقاه على الدَرَجاتِ…
الغرفةُ لا يعرفها إلا شعراءُ تَرَابَادُورِ
وغير الفُرسان المشائِين
ودون كيخوته يحبُّ الرقصَ
وتأسرُه الأنغامُ
فلا تخشَ الزوجةَ
والدينَ
وأربابَ الأعمال
وضيقَ الحال
وتحطيمَ الآلة
لو يحتدم الغضبُ
وتنهال الأيدي باللكَمَات
هل تدركُ يا «ناصر»
أن حبيبتَك الأولى
لم تنكرْك
ولم تخذلْك
وأن فيوضاً من دَمعٍ
أغرقتْ الحجرةَ
حين أتتْ
لترِينَا برهانَ الحُبِّ
ولكنَّ الدنيا لا تأخذُ
قلبَ الواحدِ منا حيث يريدُ
قل شيئاً يا «دون كيخوته»
ها أنت عزيزي
تُرقدُ
منهارَ الجسدِ
ولكنك نشوانُ الروحِ
كم غلبَتْك طواحينٌ
وانتقم المَرَدةُ
وانهال عليك السحرةُ
والأنطاعُ أهانوك
وكم قتلوك مراراً
لكنك لم تهزم أبداً
أنت رقيبُ الأحلامِ الفائتةِ
وقبطانُ السفنِ الغارقةِ
حليفُ الأوهامِ
وربُّ الغرفةِ
قل شيئاً للنعسان على كتفي
ينتظرُ الموتَ:
سبعة أيام لم يتركْ مرقده
لا تنجيه صلاةُ الابن
ولا تغريه الفُرْسِيَّاتُ
ولم يتذوقْ طعمَ القُبْلةِ
ودجاجَ الخُوخِ
لا باريسَ
ولا القاهرةَ
ولا قرطبةَ
يريدُ…
فقط
ينتظرُ ملاكاً
يحملُه صوبَ شيرازَ
يموتُ هناك
صريعَ الثلجِ
رهينَ الموسيقى
*العازف ناصر علي بطل الفيلم الفرنسي «دجاج مع الخوخ». حطمت زوجته آلة الكمان فانكسرت روحه