الثقافةشعر فصحى

عبد الكريم كاصد

العراق

في ذكرى البياتي التي مرّت قبل أيام:

ما أوسع المقبرة..!
ما أضيق الجبل..!

إلى الصديق الشاعر محمد مظلوم ذكرى زيارتنا قبر البياتي بدمشق

وأخيراً
ها هو الموتُ يرفعُ قبرَك بمخالبه
ويُودعهُ صخرةً
في أعالي الجبلْ

*

قلتُ للبياتي:
لماذا أنت على الحافّةِ دوماً
عالياً
وموشكاً على السقوط؟

*

ما أشقى أنْ يحملَ قبراً
طائرٌ
لا يحطّ!

*

ما أغرب الطريق إليك:
*سماءٌ تُقبلُ صامتةً
*شجرٌ كالممسوس يخبئُ خضرتَهُ
*أجنحة تصطفقُ ولا يبصرُها أحدٌ
*عرباتٌ قادمة بالأشباح
*وهذا البائع
– ما يزن؟
– الهواء

*

ما أبعدَ قبرَك عن الأرض
وما أقربهُ إلى السماء!
ولكنْ
لماذا كلُّ هذه الضجةِ
تُحدثها هذه الشجرهْ؟

*

ما أفجعَ الغروبَ عند الجبل
حين تنحدرُ الشمسُ بين المآذن
ويرنّ جرسٌ بعيدٌ
في برج

*

هذا البحرُ المتلاطم
– الفجر –
منْ يوقفُهُ؟
كاد يزحزحُ قبرَك عن صخرتهِ!

*

ما أكثرَ أعداءَك!
حتى في الموت
مع أنك صامتٌ..صامتٌ
كطفل

*

النسر
الذي نهشَ صدرَك قبل ثلاثين قرناً
ها هو الآن يعود
ليحطّ على الصخرة ذاتها
حيث تنام

*

حين يتسامر الموتى في الليل
بمَ تحدّثهم؟

*

حين تضيء النجوم
فيصبحُ قبرُك بيتاً
ماذا تفعلُ يا عزيزي البياتي؟
هلْ تسهرُ وحدك؟

*

متردّداً أمام الباب
يقفُ الربيع
مستأذناً للدخول

*

كلّ شيء هنا يتنفس:
أرواحُ الموتى
الأشجار
الحجر
الحجرُ أيضاً

*

حين تغادرُ قبرك
منْ ببقى في القبر هناك؟

*

أما زلتَ هنالك
عند ضريح الكيلاني ببغداد
تمرّ بك الأغنامُ المسلوخةُ
والناس؟

*

الضرير
الذي أوقفنا
هل يعرفُ أنك ميْت؟

*

ما أوسعَ المقبرة..!
وما أضيقَ الجبل..!

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

إغلاق