في ذكرى البياتي التي مرّت قبل أيام:
ما أوسع المقبرة..!
ما أضيق الجبل..!
إلى الصديق الشاعر محمد مظلوم ذكرى زيارتنا قبر البياتي بدمشق
وأخيراً
ها هو الموتُ يرفعُ قبرَك بمخالبه
ويُودعهُ صخرةً
في أعالي الجبلْ
*
قلتُ للبياتي:
لماذا أنت على الحافّةِ دوماً
عالياً
وموشكاً على السقوط؟
*
ما أشقى أنْ يحملَ قبراً
طائرٌ
لا يحطّ!
*
ما أغرب الطريق إليك:
*سماءٌ تُقبلُ صامتةً
*شجرٌ كالممسوس يخبئُ خضرتَهُ
*أجنحة تصطفقُ ولا يبصرُها أحدٌ
*عرباتٌ قادمة بالأشباح
*وهذا البائع
– ما يزن؟
– الهواء
*
ما أبعدَ قبرَك عن الأرض
وما أقربهُ إلى السماء!
ولكنْ
لماذا كلُّ هذه الضجةِ
تُحدثها هذه الشجرهْ؟
*
ما أفجعَ الغروبَ عند الجبل
حين تنحدرُ الشمسُ بين المآذن
ويرنّ جرسٌ بعيدٌ
في برج
*
هذا البحرُ المتلاطم
– الفجر –
منْ يوقفُهُ؟
كاد يزحزحُ قبرَك عن صخرتهِ!
*
ما أكثرَ أعداءَك!
حتى في الموت
مع أنك صامتٌ..صامتٌ
كطفل
*
النسر
الذي نهشَ صدرَك قبل ثلاثين قرناً
ها هو الآن يعود
ليحطّ على الصخرة ذاتها
حيث تنام
*
حين يتسامر الموتى في الليل
بمَ تحدّثهم؟
*
حين تضيء النجوم
فيصبحُ قبرُك بيتاً
ماذا تفعلُ يا عزيزي البياتي؟
هلْ تسهرُ وحدك؟
*
متردّداً أمام الباب
يقفُ الربيع
مستأذناً للدخول
*
كلّ شيء هنا يتنفس:
أرواحُ الموتى
الأشجار
الحجر
الحجرُ أيضاً
*
حين تغادرُ قبرك
منْ ببقى في القبر هناك؟
*
أما زلتَ هنالك
عند ضريح الكيلاني ببغداد
تمرّ بك الأغنامُ المسلوخةُ
والناس؟
*
الضرير
الذي أوقفنا
هل يعرفُ أنك ميْت؟
*
ما أوسعَ المقبرة..!
وما أضيقَ الجبل..!