الثقافةشعر فصحى

داود السلمان

العراق

قاسمني رغيف ألمي

داود السلمان
الاشجار تتراقص عارية
في حفل الريح
صه..
لا يعلو صوتك،
عزفُ نايك
مزّق حنجرة السكون
أنا، أنت، نحن، هُم
وجوه متكررة
في دائرة اللا شيء
نحو أفقٍ اضاع تضاريس
طريقه
ينشد المعنى،
يقتل ضجره في اوقات
فراغه.
المواسم وحدها تعرفُ
سيلان الخريف
فتلبس الورود سنادينها
كل صباح.
دعني اسعل
إستمع لخرير لهاثي.
اوشكتُ أن اتلاشى
محتدمًا وسط الذهول، مرميًا
في خانة الفراغ.
الشتاء لا يلدغ من جحر الخريف.
حكايات سمعناها،
حروفٌ ضفرنا جدائلها، بالوشم،
متعلقين بأرجل الاحباط،
ندور مع الافلاك،
كنجوم حبلى بالأفول،
بانتظار أن تلد: الايام، السنون.
النهار يغازل الفوضى.
هكذا علمونا، درسونا
نحن المتهمون بالطفولة
نحن المتواطئون مع الشيخوخة.
تمزقنا اللحظات
تلملم شتاتنا المحن.
تنكرنا اجسادنا، تغازل ملامحنا
التجاعيد،
ينسانا العدم، من أول
نظرة.
لا تندهش بظهرك المقوّس، املئ فراغات
انحناءاتك،
لا تستسلم، لتواضع الوقت.
الحيرة كعبة الوجوم.
غضّ طرفك لأصابع السلّم.
المطر تنفس السماء، لتبييض
وجه البرق.
لا يتثاءب الليل ايام النعاس.
اعيادنا محدودة الظهور.
أشُير الى السُهاد
سيأتيك متقاطع الاوصال.
لعل الفوارز اذهلتك
فتش عن ضوؤك
في جيوب ذاكرتك
في جلباب سنيك الغابرة.
ماذا يعني أن اشطب ملامحي؟
من اوراقي القديمة!
وأن اتمدد على سرير اسئلتي بخشوع؟.
يا لسذاجتي..
ها هي الافكار تغادر السهرة
فيتأجل الحفل،
الى شعار آخر.
حتى السكاكين بحُت اصواتها
لا تريد قتل الوقت.
اصلح ازرار معطفكْ
فالشتاء على الابواب،
تبرّع بحلمك القديم،
الى الفاقدين احلامهم.
وامّا عطرك
فاحتفظ به
الى المواسم المنتهية
لكي لا تخسر الرهان.
الطيور ترقص على ايقاع
الريح، حتى
لا تُصاب بالعشو الليلي.
هي نفسها الطرق،
المؤدية الى الالتواء.
حصّن ضميرك من الوعكة الصحية،
سترى شمسك تغازل النهار،
اسراب اليمام
تطير حرة في حدائق السماء.
تمهّل هنيهة
عند عبورك الجدار؟.
من قال أن الاشواك
تحمي انامل الزهور،
من الخدوش؟.
غبار الكلام
يوهن الحوار، اخُرج
من زنزانة صمتك،
تعطّر بالمساء، صادق الليل
دخن نفسك
قبل أن تدُخن سيجارتك.
لا تهدأ اسراب الريح.
راقب خطوك بحذرٍ
قبل ايداع الطريق.
العصافير وحدها
من يفقه لغة الاشجار،
اما أنا، فلا
أفقه غير لغة عكازي
خارج الشيخوخة.
اطنانٌ من الرغبات
اكداسٌ من المواجع،
لذلك لا يعنيني
الخوض في تجارب الآخرين،
هُم لهم تجاربهم
كذلك
لي، أنا تجاربي.
المغامرات لا تفي
بحل الكلمات المتقاطعة،
لأننا في مفترق طرق.
الساعة الجدارية،
هي الاخرى، لا تعنيني،
بالمرة،
لأنني مولودٍ لغير هذا
العصر، غير هذا الزمن،
لا تعنيني السلالات، ودبكات الماضي،
فليّ ابجدياتي الخاصة،
لا اقيسُ الزمن بالثواني
بل اقيسه بالسنين، بالدهور،
واعبّر عنه
بالشهور الميتة،
وعليه، لا استمع للأغاني الحديثة
وانما يسيل لعابي
للأغاني المعتقة،
الاغاني التي تنبش الذاكرة
بمعاول الشجن.
ففي العطل الرسمية، والعطل
شبه الرسمية، فقط
اجُالس أوجاعي،
واشرب قهوتي
عند احزاني- احزاني غير
المعدّة للبوح.
تعالى، شاركني الاسى،
قاسمني
رغيف المي،
ابسط لي يدك، بايعني
كأمير، كفارس، يخوض غمار الصحارى.
اعطني سيفاً
اهزم به معاناة العالم،
وكن عليّ شاهدًا عمّا
اقول.
الاوقات تقتل الفراغ،
والذبول، دائماً، يجرح
احاسيس الورود.
لذلك سأطهي الحديث
على نارٍ هادئة.
الضحكات البريئة معدّة سلفاً
فتعذر علينا
خفي جرائم القهقهات.
لذلك لا نزعج موتانا عند زيارتهم،
فالموتى انهكتهم المنافي.
هُم يريدونني
أن اعرّض تواضعي للمخاطر،
أن اهُزم
أن الوذ بالانكسار.
والآن..
يحق لنا أن نرفع الستار
عن عورات انفسنا
ليبان بياض الحقيقة،
للملأ.
للمنافي نكهتها الخاصة، وليّ
المسالك الضيّقة.
اطارد خيوط السعادة
كحاطب ليل،
بحثا عن ملجئ آمن
عن بقايا احلامٍ، اطلالة عفنة.
فليشعل البحر شموعه،
ويعلن الابحار.
ها هي الايام تعبّر عن
نكهتها، كأنها مصابة
بالزكام.
لا أدري كيف تذكرتُ،
هذه الجملة:
-السفر مواعيد قديمة أعُد تأهليها-
وكنتُ أضحك من اعماقي
اضحك بصوت عال
كأنني كومبارس
يتقمص دور مجنون،
كنت نصف فيلسوف
امتهن بيع الافكار،
وانا بكامل هندامي
وجلابيبي الرثّة.
الدهاليز لا تصلح لإقامة الصلوات
الحقول لا تتسع
لتأجير الاضرحة
وتهريب النذور.
فقررت:
أن لا اعلن حدادي، خوفا
من الطارئين.
فعلاج الثمالة الترنّح
امسك بتلابيب خمرتك،
لا تجعلها عرضة للمتسكعين.
الزحامات تشرب الشارع
الاماكن تلهث بالوجوم.
لكنك وحدك، تدرك
وعورة الخطى،
خفّظ همسك
كوّر صوتك، واعزم
الرحيل.
فالآن المسرحية
على وشك النهاية.
بغداد 25 / 7/ 2020ر

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

إغلاق