سأحذفُ،
قصائدي كلّها إذا تسنّى لي ذات يوم
أن أطبع أعمالي الكاملة في مجلد كبير وضخم
كما يفعل بعض الشعراء،
ولن،
أتوانى لحظة عن إقامة حفل توقيع
أدعو إليه كلّ الممسوسين مثلي بلوثة الشعر،
وسأوقع كالعادة على الصفحة الأولى مع إهداء بسيط
من ثلاث أو أربع كلمات،: هذا المجلد الفارغ
حصيلة جهد خمسين عاماً ذهبت
قصائده أدراج الرياح.
سيصفق،
كثيرون للبياض الذي مسّهم في قلوبهم
بعد أن أنهكتهم جرثومة الحبر كلّ هذا العمر دون
أن يوقع لهم السواد باسمهم،
على شيء.
سأحتفي،
كما لم أحتفِ من قبل
بهذا الفراغ الهائل الكبير الّذي أحدثته القصالد
وسأشعل على الدرابزون المؤدي إلى صالة الاحتفاء
شمعة أو شمعتين، إيذاناً ببلوغي
الثالثة والخمسين، تماماً.
لا أعرف،
كم سيحضر من الأصدقاء.
الغاوون لن أسأل عنهم فما عاد ثمّة من غاوين
ولهذا لم أضع في حساباتي أيّ قائمة
لعدد أكواب الشاي أو القهوة.
كل،
ما أعرفه أن العائلة لن تحضر
لانشغالها حينها بترتيب مسائها على نحو بهيج
في جبال بسطوير.
كل ذلك،
متوقع والمأمول فيه لن يحدث.
فالخدعة الكبيرة تمّت
على مهل ولم
أنتبه.
وما عدا ذلك ،
أنا مشغول الليلة وربما في الليلة
التي تليها أيضا بهذه الكمية الهائلة من الأحوال والأهوال.
من الترهات والتفاصيل والأوراق التي امتلأت
بها قصائدي خلال خمسين عاماً
كيف،
لي أن أضرم النار فيها دفعة واحدة
إلى الأبد، وأستريح.