الثقافةشعر فصحى

عامر الطيب

العراق

تغلبتُ على خوفي
لأحبكِ بهدوء كما أحلم، لن أتوتر إن تأخرتِ
ولن أبكي إن لمحتك تصنعين رجلاً
من الطين
أعرف انه سيجف و تحطمينه
ثم تطلبين مني أن أجمعه
وها أنا أرفع أعضاءه عن الأرض
لأضعها على الرفوف .
أنظر بشفقة لعينيه
و قد تصدعتا إلى قطع صغيرة
و أفكر لو قدر لهذا الرجل
أن يعيش في حياة ثانية
كيف سيتحدث عن حياته هذه؟
لعلني عشت الحياة ذاتها
لكن الرجل الذي كان شاهداً
لم يضع عينيّ على الرف!

حواسي تتشعب و أعضائي أيضاً
فمي يرى و يتشمم و يلوح و ينحاز،
عيناي تسمعان و تتحدثان و تكتبان،
يدي تفعل كل شيء ،
قدماي تطيران و تقفزان و تقعان،
أنفي يفعل أي شيء،
إن كنتِ وردة في مكان
فلن ألومك لأن الفن الذي لن يدعك
تتفتحين معافاة
لن يدعك تذبلين مذمومة أيضاً
فمن أجل يومنا الصغير هذا
سنصلح موت الأشجار،
موت الأجراس ،و موت الحكايات الأصغر حجماً
و من أجل بقية الأيام
سنصلح موتنا فقط!

داخل كل أحدٍ منا منزل قديم
و مليء بالدموع
في كل جهة دمعة
و لكل دمعة مهام بسيطة
مثل معرفة الوقت
أو معرفة أي شيء
و عندما يقع المرء في الحب
يفتش في منزله عن مساحة فارغة
ليرتاح
فوق الدموع عندما تجف مثلا
أو وراء الباب لأن أحداً لن يدفعه
لكن ذلك لن يحصل
فالمنازل القديمة مشيدة
لأن الدموع لا تجف
و الباب العاطل تدفعه الريح !

لا يسعني أن أبكي
فقد نلتُ حصتي من الحب كاملة.
عرفتُ و هاجرتُ و نمتُ أقل النوم،
جعتُ و أسندتُ نفسي بنفسي
و كنتُ متلهفاً للحديث
عما عشته للغرباء ثم بدأت أتبرم.
أن قصة حبي لم تكن مأساوية
غير أنها لم تكن تستوجب الفرح الهائل
بدا كل شيء
كما تبدأ المشاهد الأليمة في الفلم.
سيشاهد أصدقاؤنا حياتنا
مرحين
لكنهم بعد نهاية الفلم
سيبكون قائلين بأسف :
لقد انتهى الفلم
ثم بحرقة و سخرية:
لقد بدأ الآن !

ليت لي صديقات وحيدات
أحدثهن عن جزعي و ماضي الخافت
أخبرهن مثلاً
كيف مشيت في طفولتي
خلف صورتي،
ظننت مثل بقية اقرأني أنني سأعرف نهايتها.
ليت لي صديقة وحيدة
تشعل النور
وأنا أتحدث
قائلة:
إن البشر يضيعون عندما يكتبون
و لعلك احتجت كلمة و أعجزك الأمر
خذ هذه الشمعة
و ستضيء غالباً
ضعها في بداية الجملة
كأنك تفعل ذلك من أجل حياتك وحدها
أو في نهاية الفصل
من أجل حياتنا معاً !

كل نص تكتبنيه يشبهني
قد يكون غامضاً أو شاخصاً،
صغيراً من سطرين
أو طويلاً
نقلب الصفحة لننتهي منه،
حتى ذلك النص الذي تضعينه
للتخلص مني
فيه شيء من جسدي
لكن للأسف أن حياتي لن تستمر قرناً كاملاً
عندما يقرأ النص في المنهج
و لن يصدق الأطفال في المدارس
أننا كنا نكتب لنتخلص من الدرس !

إما أن أحب المرأة أو أهجرها
لا توجد طرق ملتوية يمكننا أن نمضي
بها الوقت و نعتاد،
ليست هناك مدن يمكن أن نسافر
لها لنهدأ،
او شبابيك
نفتحها فيتغير الجو
إن كنا معا الآن فلنستخدم كلماتنا
لتدفئة المزيد من الحب
و إن لم تكن لدينا كلمات طيبة
فلندع القلب يبرد
العينين تتشوهان
الجسد كله يختار اللون اللازم للصورة
و لندع اللغة الأم
تسحب كلماتها الصغيرة من الماضي!

استبعدتُ فكرة الحصول
على امرأة لامعة و معافاة و نادرة
كلهن سيعبثن بجسدي
متى ما وجدنه ليناً
ستحوله إحداهن إلى صندوقٍ
للأسرار
فيما تفضل الأخرى أن تجعله مصباحاً
أو شماعة
أو تدعه جسداً يتألم
ينحب و يهب
و يحتاج
لا أريد الحب لأني لا أريد أن أكذب
قد أكون طيباً
لكن عيني قاسيتان
أو هادئاً
لكن يدي قلقة
أو أكون مسترخياً
و حياتي كلها تتشرد في الحلم !

سأحبكِ كما تحبين
أنني البحر الذي اعتدتِ التنزه حوله
ثمة خطر
و ثمة هواء بارد ينعش جسدك
و لعلك جئتِ بعد أن فضت بالماء
من كل جهة
و إلا فإن النسوة اللواتي عشن معي
وجدن الكثير من الحب على الشاطئ!

أسمّي الحجرة التي ألعب بها الشغف.
الحجرة التي أبحث عنها
الدعة.
الحجرة التي أضعها في البدء
الألم.
الحجرة التي أتوجع منها
النوم .
أضع الحجر كله في سلة فارغة
و أسحب واحدة لأعرف
اية حياة سأعيش
و من أجل رؤية مصير كل شي
فستمتلئ السلة بالماء!

عامر الطيب

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

إغلاق