غواية الصلصال
حيثما تربَّعَ
هاأنذا أمامهُ جثة واقفةْ،
بعدما خلعنـي مني
وأيقظنـي من سباتٍ
لم يدمْ طويلاً…
هي المرةُ الأولى كما قالوا والأخيرة،
أقفُ يتعالى يشمخُ…،
أنا الآن في اكتمال المسافـــةْ،
كائنٌ لم يفقهْ من اللعبةِ شيئا
جاؤوا بي خلسةً إليه،
ستحملُ أحرفـي وِزْرَ ما اقترفتُ
سيكتبني (الأصدقاء) على مسلة نسيانهمْ،
وتخلو من الدخان والحشرجات جدرانيَ الأربعةْ.
ربما يحدّقُ بي ثانيةً وهو يعيدُ هيكَلَتـي
مرةً….. وأخرى إلى آخر ما يرتئي !
***
كانَ موتاً نقياً
لماذا كلّما احْتَسَيتُ جرعةً منهُ
تلاشَتْ سكْرَتي ورحتُ أسقطُ ثانيةً
في مهبِ الحياة؟
***
أستنشقُ الآن هسهسةً في الرماد
وأسمعُ ناراً تدورُ بقربي…. تدورْ،
وآجرَّتي بعض ما ينسجهُ العنكبوتْ!!
كنتُ أعرفُ
أن انتظاراً بحجم الغيابِ
سيكتبني على آجرّة الفراغ
فيسّاقطُ اسمي حرفاً حرفاً
بعدما تشرعُ الأرضُ بالهذيانْ.
***
وحدها لَمْلَمَتْ ما تبقى
من البياض… أوصَدَتْ عُرْيَها
تناءتْ كما نحلةٍ هاربـــةْ.
***
كل من معي اليوم خضَّبوا اللوح بالتراب،
تواروا خفافاً إلى موتهم…
-الطفيليون /الأحبة!/
السائرون في الجمع/ الموغلون في العرف/ ذوو التراتيل/ الساخرون منه،المكابرون-
لا أحد الآن بمقدورهِ اجتياز سوأته ،
كلٌ مَن جاء انبرى يدحرجُ جثته،
يلوذُ بالنعشِ يدحضُ أحلامهُ
ويرجمُ ما تبقى منهُ بحجـر التوبة،
***
ما كنتُ أول مَن راعَهُ السر ولا كنتُ آخر مَن دنا،
أقوم بإغفاءتي يداً في أعالي الصراخ وأخرى معفرة بالدخان،
إلى حيثما يشحذُ السرابُ الأكفْ
وتطوي الخرائب أكفانَها،
أيصغي إليَّ لأملأَ كفيهِ بالمعجزات ؟
***
أكانَ بوسعي أنْ أطلق الرأسَ
من قامتي…، أطوي الشفاه
وأختالُ (كالأرجوز) في حضرته؟
أحلّقُ
أدنو قابَ قهرين أو أدنى
وأرمي المكائدَ
أنفضُ ما في اليمين إلى المحرقةْ!
***
أنا الآن طازجٌ مهيـأٌ وفاتورتي تقوّسُ ظهري
وتجعلُ مني شهياً على المائدة،
الشوكة، السكاكين… أعددتها
تقلبني ـ ريثما يستنطق الوشاة / الأدلاء
في جسدي ـ
وهُمْ يلقون بالسر إليه تلوّ السر،
كل ما تبرعمَ من هيكلي كل ما تدلّى
يسّاقطُ الآن من صمتهِ،
يشهدُ مرغماً
فيوشمُ جلدي بالشواظ.
***
عارياً كنتُ
والمرايا التي حمَلْتُ تحمّلني على جمرها
تقذف بي لميقاته الأزلـي،
في يديهِ تشكلتُ ومنها سقطتُ…
على بابها
ـ لم أزل أُقلبُني
أمرِّغُ صلصالهُ المـُــر ـ
سأفتحُ عيني على سرِّها
أعتلي دكة الوعدِ
أُحدّقُ فيما ضَمَرْ
أنا…
أنتِ والطريق إليها معبدة بالجمر،
لسنا سوى قطرة
تقلبنا وأولنا دفقةٌ طائشةْ!
أنا /أنتِ
لا جهة نقتفي إثرها كي يصدق الحدس،
كي يرسم الرمل درباً لنا لا يزولْ ،
على موعدٍ
و ما بيننا لجةٌ وسنارةٌ لا تعي
تغافلنا فتعلَقُ أرواحنا الهائمةْ
(أيتها المطمئنة) فرّي إليَّ
دعي كل ذاك الذهول
مرّي ….فهاأنذا في سُدفة الطينِ
أركلُ تفاحتي في خشوع.
عباس السلامي
العراق