” تويجر ”
هكذا كان لقبه الدارج في كل مكان
وكما في ايلاف قريش
له رحلتان
تنزل المطرة الأولى
فيدخل سوق البلدة
بمعاطف صوف وكستناء وتمر
بجزمات ، وسراويل كن كنزات ،
هو من كان يخيط فتحة ياقاتها ،
فتصير الأكمام سيقانا
بشالات فرو رخيص
و أكياس من قضامة مالحة ،
وقوالب لتحويل العجين
إلى دوائر تطفو على سطح طنجرة من قطر
وفي جيبيه ، بالمجان ، علب دواء الرشح ومواعيد سينما حلب في عطلة الربيع
يقايض قطافات الزيتون
ذراع قماش مخمل مقابل حرج
والصبيان ” دستة ” أوتار بزق وقلفون
و علبة صمغ وشريط كاسيت فارغ
مقابل إبريق زيت
أما أرباب ” الفعالة ” فكان يتناسى كل عام
دفاتر ” اليانصيب ” والعناوين الجديدة للقمار
هذا خامس شتاء
لم تؤجر فيه ” أم شيرو ” عليتها
وكلما طلبها أحد في الأربعينية
قالت : محجوزة حتى أموت
تنزل الحصادة
فتنهض بلون سنابل الجزيرة
حبال القنب
على الحائط الغربي للجامع الكبير
لتعلق عليها بأصابع رشيقة
قمصان و خفافات و شالات حرير
ومن جيبه ، بالمجان ،
تنهمر أقلام الحبر الناشف ، وطوابع البريد ، وبطاقات المسرح الجوال ،
ولوائح بأسماء تجار السمون والجبن ، وعناوين البيوت الموهوبة لطلاب الجامعات
هذا سادس موسم
لم تحرق ” عواش ” حفنة من فريكة الحنطة
تقول : لا أحد بعده
يعرف طعمها النادر
يقول تاجر قماش :
انكسر لسوق الزهراوي بغلال بازارات
فحجز عليه
تقول صاحبة ” النوفتيه ” المخبرة :
شاهده الكل
وهو يضع ، على الرصيف قدام بيته ، بضائعه
ويهتف :
“خذ أيها العاري
والحساب يوم الحساب ”
وهو يلعن أسماء لم نسمع بها من قبل
يقول حموه المختار الأول لابنته :
الكلام بيننا يابنت !
الفقر لا يعتدي على أحد
ماله والسياسة
حتى يوزع لفاحات
عليها علم ثورة “الأوباش”
يقول شرطي البلدية المنشق :
كنت أعرف أنه لن يأتي مرة أخرى
ولو لم يصرح لي
فقد أوصته زوجة مدير الناحية
بأن يجلب لها ، البازار القادم ، عجينة
من معقود القرنفل ، لنتف الشعر بلا وجع
يقول الجيران :
رأيناه بعيوننا هذه
كيف كسر ، قرب الحنفية ، بحجر ساقه
وبلا صراخ أومى لأولاده أن يحملوه
وسمعناه بآذاننا هذه
كيف كان يغني :ل
” ع الموليه مولي الهوى
عيني يا مواليا
ضرب الخناجر ولا
حكم الندل فيا ”
سلام حلوم