تلكَ الجيادْ
شعر : فهمي الصالح – العراق
تلكَ الجيادُ لنْ تُحلِّقَ معَ الغُيومِ مَديداً وسيجرُفها الصَّدى بعيداً
تلكَ الجيادُ البيضُ التي اِشرأَبَّتْ روحُها في نعيمِ مسافاتٍ مُنفتِحةٍ
ستتعذَّبُ كثيراً معنا في اِنكِسارِ الوقتِ المُنحطِّ بالرَّمادِ والعُزلةِ
ستذهبُ أَحلاَمُها هباءً وتتلظَّى ضفائِرُها بفوَّهاتِ الغرورِ المُحبِطِ
وتطيشُ قِوى عضلاَتِها دونَ الخُلودِ في إِصطِبلاَتِ النِّهاياتِ الأَخيرةِ
لِلأَرواحِ التي شاختْ في أقبيةِ السّباقاتِ اللَّئيمةِ لِلتَّحطُّمِ.!
ستُقضِّي حقبتَها المُتبقِّيَةِ بلا نِهايَةِ خدمةٍ وجيهةٍ ولا رعايةٍ شامِلةٍ
وهذا هوَ تمرينُها الأَوليُّ لِلتَّعوُّدِ على سياطِ الطأْطأَةِ في ذيلِ الحياةِ
دونَ موسيقى واِغتسالٍ ودونَ مُسمَّياتِ حميمةٍ وأَطعمةٍ مُشبِعةٍ.!
إنَّها حياةُ التَّواصُلِ معَ الترُّابِ والخُطى والشَّوارعِ المُتَّسخةِ بالرَّوائحِ
إنَّها الاِحتجازُ القسريِّ في إِصطَبلُ الموتِ الذي لا يرعاهُ أَحدٌ.!
الجيادُ فيهِ أَحصنةٌ حزينةٌ كزهورٍ نادرةٍ حلَّ عليْها ذبولُ الوقتِ.!
ستخرُجُ من قصرِها الملكيِّ بشيخوخةِ دُموعِها بلا وداعٍ ولا حُبٍّ
إِلى هُوَّةِ الحياةِ المُستعارةِ بالمُمثِّلينَ والمِثليِّينَ والمُتحوِّلينَ.
إِلى العرباتِ القاسيَةِ التي تختزِلُ ذكرياتِ المسافاتِ المريضةِ.
إِلى سياطِ الحُوذيِّ الأَبكَمِ الجديدِ الذي يُرهِقُها بالقتلِ ولا يتَّعظُ.
إِلى الدِّكتاتورِ المُراهقِ الذي سيقودُها إِلى المقبرةِ آخرِ الأُجرةِ.
حيثُ تسقُطُ الغيومُ جُزافاً على القلوبِ ولا مطرْ.!
…………………………………………….