لا تقصصْ رؤياكَ
في اليومِ الذي دخلَ أبي بأمي
جعلها تطوفُ حولَه سبعَ مراتٍ
وهو يهمسُ لها لا تقصصي رؤياك
وكان البُراقُ يطيرُ في سماءِ بيتِنا جيئةً وذهابًا
في نفسِ هذا اليومِ كان صدامُ يتبول على صفحةِ مياهِ الخليج
وهو يهمسُ للجنودِ لا تقصصوا رؤياكم
وكان البراقُ ينقلُ الملائكةَ المدججينَ في الليلِ
وينشرُهم على شاطئ دجلةَ في الصباح
وفي اليومِ الذي قصَّ فيه الطبيبُ مقدمةَ ذكري
شدِّ أبي سلكَ كهرباء من المسجدِ الحرامِ للمسجدِ الأقصى
لينيرَ السُبلَ لقوافلِ الشام
وجلسَ في باحةِ الكعبةِ ينفثُ دُخانَ نرجيلتِه
ويحكي عن رحلتِه التي لا تنتهي
ويهمسُ في أذْني قائلًا لا تقصصْ رؤياك
حينَها كان البراقُ ينقلُ السلاحَ لواشنطنَ
ولأن الختانَ جعلني أمشي مفتوحَ القدمين
تعلمتُ القفزَ على البراقِ عندما يهبطُ
وفي كيفية تصويرِ العالمِ من علٍ
لأُحصي عددَ القتلى والغرقى
ولأن أبي علمني القراءة
سأرش البارود على أجسادِ الجرحى
وأخرقُ السفنَ وأهدمُ الجدران
ولا أقص رؤياي
ولأن المطر محا صورةَ الكعبة والأقصى من على جدران بيتنا
ومحا السفنَ الماخرةَ إلى هناك
والبراقُ الطائرُ بجناحيِه
لم يجلسْ أبي أمامَ الدارِ
ولم يحك رؤياه لأحدِ
وخلعَ سلكَ الكهرباءِ بلمباتِه الرابطَ بين الجدارين
محمد عكاشة
مصر