الثقافةشعر فصحى

محمد عكاشة

مصر

خلع البحر ماعليه وصعد للشاطئ
تجول في شوارع مدينتنا كشيخ تائه
يسأل عن الموت
قالت الشمس
للبحر رب يحميه
يلح للقطار عن موتة تصلح له
بعدما هده التعب من حمل أشياء العالم
بعدما ألقى العاشقون كل رسائلهم إليه
البحر يعرف الحزن من ملامحه
التى اهتزت على صفحته
في يوم شتوى عاصف
يعرف الشوق من عاشقين يشاهدان الأفق
يعلم ماتخبئه عاصفة حرب هبت على أطفال الشام
أو دانة بارجة مائية وجهت إلى ملجئا للأيتام
أو حاملة نفط ستفرغ حمولتها فى تنور لطهي الأجنة
يعبئ السحب ببخر تتلقفه الشياطين بدلا عن الأرامل
قالت السماء فى تعجب
للبحر رب يحميه
البحر لايتقن التخفي
ولا يتقن الكذب
بل يلون وجه العالم كل يوم
وينشر يوده وطراوته
البحر يمشى فى أزقة مدينتنا
ينادي على نهاية مثالية
بعدما ضاقت عليه شواطئه
وبعدما أدرك أن الموت يهابه
وأن مجراه ماهو إلا سجن كبير
يسأل الباص والنادل والطريق
يطرق أبواب الحصون والقلاع
يختبئ خلف شجرة بجوار جندي
يستهدفه قناص محترف
ربما يصبه الموت بدلا عنه
يجرى خلف حشود من اللاجئين
تطاردهم الذئاب
ربما ينهشه الموت في سرعة خاطفة
قالت السحب وهى تبكي
للبحر رب يحميه
ولأن الشمس أرسلت آشعتها ولم تجده
جمعتها كحزمة ضوئية لتبحث عنه فى أركان الكون
والبحر يبكى مختبئا في رداء شحاذ نائم
مختبئا في حضن طفل قذفه الموج على شاطئ
يرتكن على حائط مقبرة فارغة
يقلب الريح والقتلى
يلطم الصخر والأرض
ينفث ماتبقى بداخله من آهات
قال الطير وهو يهوي
للبحر رب يحميه
محمد عكاشة
مصر

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

إغلاق