شعر فصحى

عباس منصور

وثن

الوثن
1
لم تكن روح الله حاضرة
داخل المسجد
في تلك الساعة التي امتدت فيها طعنة المجوسي
إلى ظهر الخليفة
الذي انشغل في الصلاة
أبدا
لم تكن حاضرة
فقط
أرواح السبايا في خراسان و بابل
كانت تحتل روح المكان
2
صراخ المرأة التي حاصرها الفيضان
في صان الحجر
يصك أذني في زفتا
فاصمتي يا نووت
حتى تمر جثث المواليد
التي تطفو على سطح الفيضان
في سلطيس
اصمتي
ليمر موكب السبي المقدس
في منوف والخيس
وانصتي لصراخ الأمهات
اللائي يصارعن الموت
في سخا وميت غمر
والرجال الذين يرممون الجسور
علهم يكبحون شهوة الفيضان
في مسرة اللعين
زمن الفيضان ماولى يانووت
فلصوص الدميرة
مازالوا يلتهمون جثث المواليد
الطافية على سطح الفيضان الجديد
في التجمع الخامس وشرم الشيخ
وسالم اكسبريس والحزام الأخضر
3
لاتثقوا في الزمن الذي يمضي
تذكروا دائما
جاء قبلكم ناس كثيرون
ثم مضوا
في أزمنة سحقية
كنتم غافلين عنها
تذكروا
الموتى فيكم أكثر من الأحياء
فكيف تثقون في هذه الحياة
وبالزمن الذي يمضي
وتضعون آمالكم فيه
تذكروا
فالذكرى تنفع الخطوات
في التنقل بين معارج الحيوات
تذكرْ
كل الحيوز التي ضمتك
في انطباع الأصل والتصوير
في انفراج الضوء والتعبير
في انفلات الروح من فسحة الوثن
4
تناثرت في الأشياء من حولي
في الشجر والأقداح
في رنّة الخلخال.. في ساق الغوا
صدح المياه في الجداول
كدح الدودة في عتمة الطين
حقا تناثرت
في المحتوم على صارية البدا
5
فعلا
ليس لدى المحزون ما يخسره
لم ينتش في طلعة الصبح
وشهقة الغروب
لم يذق لسعة الندى
في بكارة البدء
لم يصغ لتفتق الزهر
في انبعاث الرحيق
6
الذين أخرجوا للوجود فضاء الشاشات
في نقل الصوت والصورة
لم يقصدوا خلق أصنام جديدة
كمافعلت قريش
لتسخير البشر
في ملكوت الرتابة والكآبة والقلق
بعدما اعتزلوا
مغازلة النجم والينبوع
وانهمار المطر
وألق الفراشات
في حضرة النساء الغامضة
7
كل شيء في الوجود حي
له صنو نظير لدي
كأنا في البدا واحد
ثم صرنا في الوجود شجرا وفيّ
تقاطيع صبح في فرح عصي
أو طنين نحل على ساق فتيّ
كل ذا كنته أمدا
في الحقل والسوق
اسودادا وضي.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً

إغلاق
إغلاق