شعر فصحى

نامق عبد ذيب

العراق

سببُ النّايات
نامق عبد ذيب
شاعر عراقي
.
.
الرثاءُ لي
أنا سببُ الغيمة
لي صورة معلّقة أمام زُحَل
ولي دروبٌ مكسوّة بذهب أصابعي
لي نساءٌ ينْدُبْن من أوّل ولادتي
خائفاتٍ على الأمير من وشاية الغراب
يرشُشْنَ جبهتي بالمطِر الذي يشبهُ وجهي
الرثاءُ لي
أنا سببُ المدن التي لم تُسْكنْ بَعْد
سببُ القصائد التي تهربها الملائكة
إلى الله ِ بغفلة ٍ عن الوطن
لا أحدَ لي
ولي كلّ هذا الورد
يسفحُ براءتَهُ لأجلي
وعولُ الجبال تقرأ صحائفي ليصمت الجبل
الكمنجات تحفظني وتلقِّنُ اسمي لأشجار الزان
وحيدًا من أوّل الشعر
لا دمعَ عندي
منحتُهُ البحرَ ليضيءَ ليلهُ باللؤلؤ
طاردتني الوشاياتُ
وغالني الأسى
حكتُ قميصي من شعَفات النُّوق
ربـّما احتميتُ بالواجهات الظليلة
لكنَّ زُجاجَها ردّني
استربتُ كثيرًا بيقين الذين أقاموا باسمي الممالكَ
أمنحُهم رايتي ليثقبوا رئتي
أنا سببُ النايات
جسدُهنَّ روحي
والثقوبُ التي كالنجوم
سـِجِلُّ اغتيالاتي على يد السفلة :
سارقي الكحل من عيون الفتاة
رامي مصائد المغفّلين في طريق المدرسة
حاسبي الزقزقات
شاتمي الفراشات
لاعقي دمِ النهار على جسد الغيمة
الرثاءُ لي
سأمتحنُ السجلاّتِ التي سيـّجتْني
وأدعو الأضابيرَ التي ضربتني
وأوقظ ُ المماحي التي محتـْني ليلةَ أشرقَ النهارُ بقلبي
ربـّما أحتفي بالسراج الذي دمي زيتـُهُ
ربـّما أحتفلُ بالشهود – القرود
لكنني في النهاية
سأعلنُ براءتي من مطر يبلِّلهم
أنا الذبيحُ فما خوفي من المسدس
المسدسُ نايُ الشرطيِّ
وبّطّة المرابي
وكرسي الملقِّن عندما تموت الوردة
الكراسي / مآسي الأرجل الواقفة من أوّل النواة
إلى آخر الشجرة
سأفتن ُ الغاباتِ
وأدعي الخُضْرة
أنا سببُ اليوكالبتوس خدينِ العواصف
حاملِ الورق المُرِّ
عازفِ المارشات العسكرية ِ
في موكب الرثاءالأخير للصحراء
لا شـِعْرَ عندي
أخذتْهُ فتاتي ليلةَ نمْتُ أهذي
ولوني أصفرُ عن الخضـْرة التي في قلبي
.
احتكمْنَ لي أيتها الليلاتُ
من أينَ نجومُكُنْ ؟
احتكمْنَ لي أيتها الفراشات
من أين ألوانُكُنْ؟
هكذا، لا أحدَ
لا ممتلكات شخصيّة
لكنَّ موظفَ الضرائب
يُسجِّلُ باسمي :
شَعْرَ رأسي وعينيَّ
وامرأةً انكسرتْ مرآتُها في قلبي
ويتّهمُني بحيازة ذهَب غير مرئيٍّ
وهالات وافق زُحَلُ على إحاطتي بها دون مقابل
يعُدُّ أصابعي ويخطىءُ
أنا سببُ الجَمال
أعلنُ أنّي أمتلكُ ما لم يـُسجّلْهُ الموظفُ :
أمتلكُ الغيوم، صورتي المعلّقة أمامَ زُحَل،
دروبي المكسوّة بذهب أصابعي، المدنَ التي
لم تـُسكنْ بَعْدُ، الوردَ الذي سفحَ براءتَهُ لأجل،
وعولَ الجبال، الكمنجاتِ، الدمع، قميصي،
رئتي، الليالي، الناياتِ، السراجَ الذي دمي
زيتُهُ،
والرثاءَ
الرثاءُ لي
.
.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً

إغلاق
إغلاق