تركته في كنف الجيران ورحلت على صوت موائه..
كان يدري أني راحل منذ عزمت، وكنت أعلم أنه يدري..
لم يحبني الكثير من البشر، ولم أحب حتى الكثير من الحيوانات لكن أنا وهو كان الأمر مختلف.
أوصيت عليه جارتي المليحة وكتبت لها كل الإرشادات ما يحب وما لا،
ما يأكل والموانع، أدوية شعره وجرعة مضاد الديدان.. كل شيء.
وعدته بلحظتها وأنا راحل ألا أطيل المكوث بدونه طويلًا، فأنى أستطيع!!
فقط سأذهب لأجلب بعض المال لأوفر لنفسي حياة كريمة، وأتي له برفيقة جديدة، وبالكافيار الذي طالما أحبه، أذكر أنه كان رائق المزاج وهو يتناوله؟
كأنه يدخن الحشيش وبالطبع لا أقوى على شرائه سوى بضع مرات خلال العام!
وعدته بهذا ورحلت راح يموء ويموء عقلي يترجم كل كلمة :
لا ترحل، ابق، سأتناول السردين الرخيص، لكن لا ترحل أرجوك.
بالغربة هناك وبعد آلاف الكيلوميترات، وعشرات الليالي..
هاتفتني جارتي فجرًا وهي تبكي بمرارة..
هل أصاب أمها المريضة شيء؟
-ماذا حدث ؟!
-مات “لولو”..
وراحت بوصلة نحيب
وأنا لا أجد ما أنطق به
-كيف ؟!
-القطط أيضًا لا يهمها الأكل وفقط، لم اقصر معه في رعاية ولا أكل، اتبعت كل تعليماتك معه، لكنه كان يفتقدك شعرت بذلك منذ اليوم الأول
لم يرض بالزواج من قطتي ولم يُقبل على الأكل بشهية مفتوحة وكان مُثقل الحركة لا كما عهدناه، لم أشأ أن أقلقك بسرد التفاصيل، لكن شوقه غلبه لك ومات، هكذا فجأة.
-وأين دفنتوه؟!
-في حديقة منزلك ووضعنا شاهد صغير : هنا يرقد “لولو”..
-يالله!!
-أنا حقًا آسفة.
الأصدقاء هنا بالغربة علموا بمصابي واسوني، أشاروا علي بجلب قِط جديد ينسيني القديم!!
لا يحسبون لللطف والعِشرة حساب
أعتقد أن البرد قد عبث بمشاعرهم.
كان رفيقًا لخمس سنوات ورحل وأنا حتى لم أستطع دفنه!!
صوره على هاتفي تكاد تنطق وتموء لي
كان يعض هذا الهاتف كل ليلة
وتلك الصورة مع كرة الصوف التي طالما أحبها ولكزها بيده ثم راح يجري ناحيتها يعضها.
أحسبها وحيدة باردة بالمنزل هناك الآن
تماما كحالي هنا بدونه.
كل شيء بارد وجاف ربما هو لو كان معي لأذاب كل هذا الثلج المتكوم على السيارات حولي وعلى قلبي.