شعر فصحى

سلام حلوم. سورية

” الحلبيّ الشايب ”

لم يحزر أحد
مَن كان في تلك الصورة المهترئة الحواف
فقد كنا لا نرى إلا قفاها
ترشح فيه أرقام وكأنها تاريخ التصوير
وهو يعيدها الى الجيب الداخلي لجاكيته
قد توحي رجفة الأصابع أنها لميت لم يُنس
لكن العينين ناشفتان إلا من حزن قديم
والبسمة بُعيد زفير قصير
تقول بأنّ في الصّورة عزيزاً ما
لم تتعود بُعاده هذه الاضلاع التي تبرز
من وراء القميص
أو أن من عادة هذا العجوز أن يخفّف بملامحه
الحرقة في قلب المشتاق
أو أن حوارا قصيرا تمّ في السريرة فاطمأن
التجاعيد في الجبهة لا تزيد في لحظة التملي
هي أنثى إذن ، بنت أو زوجة لا فرق
لكن الرجفة في الأصابع ماتزال وهو يفركها
كأنما على أسف عتيق
عدد المرات القليلة
الزمن بين مرتين
موعد الفرجة الاولى بالنسبة لنا في أول الضوء
والأخيرة عند غروب الشمس
قد يوحي كل ذلك بأن مَن في الصورة رجل
ربما خرج ولم يعد
مارسنا شطارتنا في التأويل
حتى خاتم الفضة الذي بات جزءا من بنصره اليسرى أوّلناه بسنّ الزواج
ولم يحزر أحد
سألنا عن مدينته
عن حيه فيها
ولم يحزر احد
وحدها كنّاسة المخيم
كانت تلقي في كيس النفايات
قرب سريره الفارغ
بيتا بغرفتين وأربعة شبابيك مفتوحة على شرفة من حبق
حين لم يعد من اسعافه مجلوطاً إلى المشفى

سلام حلوم

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً

إغلاق
إغلاق