شعر فصحى

ليس لضفيرةِ أمي أفقٌ

ماهر نصر | شاعر من مصر

(1)    [الحفّار] الحفّارُ الذي غَرَزَ مثْقابَه تحت ظلّي
هل كان يبحثُ عن جثّتي ،
عن ضفيرةِ أمي ،
عن شمعةٍ أحملُها فوق كتفي
تنيرُ للرفاقِ الطريقَ إلى أكْفَانهم؟
الحفّارُ لم يردمْ بالترابِ جمرةَ نارٍ
خبّأتُها ليتدفأ عصفورٌ في رأسي.
خَلَعَ ريشه في العشِ
ونسي أن يحلقَ بين جفنيّ .
ليس لضفيرةِ أمي أفقٌ،
وليس للعصفورِ أرضٌ.
والغيمةُ التي حَمَلَها بين أصابعه
لم تَسقِ مِعطفاً يستندُ على العُكّازِ،
ولم تغسلْ حاجباً أبيضَ .
مرّتْ عرباتُ الأيام ِ،
وتركت ْدُخانها.
والحفّارُ لم يزلْ يُغَربلُ عظامَ أمي،
وكَصلصالٍ يخمّرُها بالماءِ والأوهام.
اتركوا الصلصالَ لي،
فَلديّ إزميلٌ لأنحتَ وجهَها في الأفق.

(2)    [عود حطب] الموتُ ليس بذرةً،
كي تَسقُط السحابة.
والخلودُ ليس شجرةَ زيتونٍ،
حتى يعشقها حطابٌ،
أو يمنحها خشَّابٌ لفم المطرقة ،
تلك التي تشبه أيامه.
ربما
يكون الموتُ ظلاً لشجرةٍ،
في طريقٍ
تبدأُ من رأسي إلى آخر حبَّة رُمَّانٍ
بصدرِ حبيبتي.
وربما
يكون الخلود خنجراً،
أطعنُ به ذئباً،
أَفْلتَ من كفي لينهشَ كفي.
هل تعرفَ مثلي
شُعْبةً على فمِ بئرٍ،
لتعلق دَلْوَكَ،
تملؤه دمعاً،
ونباحَ كلابٍ تبحثُ عن مَرْقَدِها
داخل صدري؟
الموتُ ليس بذرةً،
والخلودُ ليس شجرة زيتونٍ،
فكلاهما ينام كعود حطب ٍ،
على كومةِ قشٍ،
في جُرْنِ جثتي.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً

إغلاق
إغلاق