الثقافةشعر فصحى

آلاء عبد الحي

العراق

شياطين من طين
_________________

ليْليْت كَيْفَ هَرَبْتِ الى الجَحيْم؟
في كَفِّ آدَم الدَهاليْز وَالمَجرَّات وَالطُرق الوَعْرَة
وَفضاء مِن خَشَبٍ
كَيْفَ تُكَسِّريْنَ الصَمْت بأَفواه الأَفاعي؟
ما أَضْعَف الرَبّ أَمام نَفْخَة روح مِن صلْصالٍ مُتَمرّدٍ
تُحاوليْنَ يا ليليْت لَعْن الآلهة كُلّما مالَ رَأَسها صَوْب الفرْدوس، ماذا تَفْعَلينَ وأَنْتِ تُلَمْلِميْنَ كُرَّياتكِ الحُمْر المُتَشظَّية وَتَهبيْنَ مِن رُوحكِ فَوَران القَذْف؟
تَتَمَدَّديْنَ في الجَحيْم وَأَلف صَوْتٍ وَصَوْتٍ يَلجُ العالم، وَالبَراكيْن تَثُورُ وَتَهْتزُّ الارض والبَحْر يَهْربُ نَحْو تابوتٍ باردٍ يَغطُّ في أَسى شَديْد
تَعْكسُ ذَبْذَبات المَوْج مُوسيقى مُهَجَّنَة، والريْح تَنْتَحبُ
وَتقَشّرُ الأَرْض حَريْر أَجسادنا ليليْت، لماذا رَفَضْتِ آدَم، هَل كانَت رائحَة الطِيْن نَتنَة جدَّاً؟
ما الذي يَدْفَعُ الرَبّ الى أَن يَطْردنا مِن فِرْدوسهِ بقَضْمَة فَرْج؟
رُبَّما تَشْعرُ الآلهة بالنَدَم لكونها لا تَمْتَلك القَضيب
نُحْنُ المُعَلَّقُون بَيْنَ السَماء وَبَحْرها كالريْش، ارْجُوحَة مِن اللحْم، الطازَج تَهْرسُ كُلّ شَيءٍ. الارْجُوحة- الجسد، خاليَة مِن دُمى الأَطْفال وَأَصداء ضحْكاتهم المُؤقَّتة،
وَالأَرْض كالرحى تَدُور وَتَدُور وَتَدُور شَبيْهَة بماكنَة مُسَنَّنَة
وَتْحْتاجُ الى هَرْس أَجْسادنا لكَي تُواصلُ الدَوَران مِن دُون
زَمْجَرةٍ. ما أَقْبَحكَ أَيُّها الطِين، دُمى مُتَحرّكَة تَطيْرُ في الأرْض، وَآلام وَصرخات المُوتى أَشْبَه بصَوْت نايٍ حَزيْنٍ
ماذا فَعَلَ آدَم يا ليْليْت لكَي تَخْتاري القَبْر المُلْتَهب الذي تَصْرخُ فيه النار وَتَسْتَعرُ كُلّما عَلَت شُعلَتها؟
حَفْلَة عَزاء في ولادَة شَيْطان مِن طيْنٍ
أَنْتِ تَهْربينَ بمخاضكِ وتبْصقينَ فَوْق الأَرْض المَقابر والَمآذن، هَل ما يزال الرَبّ يَقْطنُ في عَرْشكِ؟
يَتَوَسَّلُ النار وَيَهبها القَرابيْن أَطْفال البَشَرية، مَلائكة لتَمَرّدكِ، وَها هُوَ آدَم عابِرٌ كَما العُمْر وأَنْتِ تُكَثَّفيْنَ الظَلام وَتَصْرخينَ في الأَمْوات كُلّ لَيْلة. تَرْتَجفُ المَقابر في لَحْظَة وَداع المَوتى، مَلْحَمَة مِن نار قلْبك وَتَبْحَثينَ عَن المَلائكة الذينَ قَتلوا أَوْلادكِ بخَنْجَر الرَبّ. تَرفُّ أَجْنحَة الأَحْلام عاريَة فَوْقَ واحَة عَيني، لكنَّ القارب مَثقوبٌ والبَحر بلون الدَم والبئْر صَمَّاء
أَنا المَخْلُوقَة مِن الطِيْنِ أُحاوِلُ تَمْزيق جَسَدي تَحْتَ رايَة الرَبّ، وَالسَماء تَمْطرُ الحَديْد، وأَنا النار التي تَتلوَّى في نَعْشٍ هَشٍّ. مَن يَسْمَعُ طَقْطَقَة عظامي وَأَنا أَمْشي وأَحْملُ رَأَسي المَلْفوف بالجَمْر؟
وَحْدي أَصْرخُ بأَلف فَم، أَهْرع صَوب اللاشيء وَفي كّفِّ آدَم الدَهاليز، يَزْدادُ صراخي وَهْوَ يَنْفخُ في يَدهِ، أَطيْرُ نَحْوَ الفرْدوس وأَذبَحُ القربان كُفَّارة لصَمْتي
لِماذا لا تدلَّنَي على عَرْش الرَبّ لكَي أَبْصقُ في وَجْههِ؟

الاء عبد الحي/العراق

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

إغلاق