الثقافةشعر فصحى

عامر الطيب

العراق

عندما أحبّ أهرع إلى المرآة
أفعل ذلك
لأعرف إن كان الحب يناسبني
أو انني ألعب بالوقت بمعزل عن حاجات
جسدي .
هرعتُ إلى المرآة البارحة
لأنك لمحتِ لي بأن حبكِ
سيدوم إلى الأبد.
و هرعتُ نحوها اليوم
لأنك قلتِ بمرارة بالغة
أن حبك سيزول مثل أي لهب
يشتعل و ينطفئ
مثل أية نجمة ستختفي مرتين
مرة عندما تجف البحيرات
و مرة عندما تطلع الشمس!

سيكرهني رجل بعد هذا النص
يعتقد أني عنفته لأنه لم يعش سعيداً
كوني حاولتُ أن ألعنَ
الذين يضحكون غير سعداء ،
يحبون غير سعداء،
و يقبلون بكابة مفرطة،
الذين يكتبون عن حياة قصيرة
بأسفٍ بطيء
فيسردون كل ما حدث في الحرب الباردة
مع أنهم وصلوا إلى البيت
و جلسوا حول المدفأة
لساعات طويلة أيضاً .
في الموقد ذلك النور الذي لا يناسبهم ،
لكنني أكتب لأطمئن
و يمكنني أن أنهي بسعادة غامرة
هذا النص الأخير عن الحزن!

يعرف الطفل أمه أولاً
ثم زوجته أبيه
مع أنهما حضرا ولادته معاً
و رضعاه معاً
و الأمر لا علاقة له برائحة الأم
فإن حاسة الشم
لم تكن ذكية كما هي الآن
إلا أن لغته تدله مثلنا
فقد كانت أمه تؤلف له الأغنية وهي ترضعهُ
فيما كانت زوجة أبيه ترضعه
وهي تردد له
الأغنية ذاتها !

إن لم أرَ الله
فهو يراني بدقةٍ.
مَن اخترع تلك الفكرة الباهتة
مِن أن أي أحدٍ
ليرى يجب أن يزود بعينين؟
إذن كيف ستقع هذه الشجرة
العالية
على رأس رجل يائس يحلم بالموت؟

اللقاء الجنسي ليس كلَ شيء
أنتِ في الخامسة و العشرين من عمرك
وأنا أحتفل بالخمسين
بعد أيامٍ.
عيناي ذكيتان و عاطفتي تتوهج
لكن السرير لم يعد مكاناً
مأهولاً بالأحلام .
أتخيل أننا سنركض طويلاً
إن مارسنا الجنس
و تلك منافسة خاسرة بالنسبة لي.
لا أحد في الستين من عمره
يغامر بعضلات قلبه.
قد يعني الجنس أن ننطلق
من نقطةّ ما بقلقٍ هائل
و يعني الحب أن نتوقف عندها!

حبك الزمن البديع الذي نتعقبه
بين الصور و الأشجار .
الصور بدأت تتلف و الأشجار بيست تدريجياً
و الزمن الذي عشناه يزدهر وحده
و يضيع
أما حبك فمثل المسيح الدائم
إن كان قد عاد قبل ألف سنة
فما الذي يمنعه من أن يعود
الخميس القادم أو غداً ؟!

لستُ الرجل الذي كنتُ قبل سنة
تبدل حلمي و صارت لي طريقة مبتكرة
بمواساة نفسي
و بدوت مهتماً بشأني الشخصي
أكثر مما كنتُ سابقاً.
لا أحب إلا ما أريد أن أعرف
ولا أنسى إلا ما يشع من حولي،
ما أنا مجبر على النظر إليه
أحياناً أغمض عيني
و أحياناً أفتحهما معتبرا أن ذلك
الوهج المزيف لا يشع من أجلي .
لستُ الرجل الذي كنتُ قبل
أيام أو ساعات
حيث اعتقدت أنك ستحبينني بالطريقة
ذاتها
لقد كبرتُ كشجرة مطمئنة
لأنسى رأسي في الهواء العالي و أنام !

تكمن سعاداتي
في المضاعفة لا في مباشرة الأشياء
أعني أنني لن أكون سعيداً إن قبلتني
لكني سأكون كذلك
إن قبلتني أربع و عشرين قبلة على الأقل !

عامر الطيب

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

إغلاق