الثقافةشعر فصحى

عبد الوهاب الملوح

تونس

أغنية الراقصة
كوليت
ترجمة عبد الوهاب الملوح

أنت يا من تسميني ,راقصة, اعلم , اليوم , إني لم أتـعلم الرقص. التقيت بي صغيرة و لاعبة , راقصة على الطريق ومطاردة قدامي ظلي الأزرق كما لو كنت نحلة كنت أتنقل, ولقاح غبار أشقر يطلي ساقي وشعري بلون الطريق …
لمحتني أعود من النبع أهز الجرَّة في حضن وركي بينما يقطر الماء بحسب إيقاع خطاي على سترتي دموعا مستديرة , أفعى من نحاس , شماريخ قصيرة ,مُجعدة تصعد ثلجية إلى خدي ..كنت امشي جادة , ببطء , غير إنك سميت خطاي راقصة . لم تكن تنظر إلى وجهي , لكنك كنت تتابع حركات رجلي , تمايل قامتي , كنت تقرأ شكل كعبي العاري يرتسم على الرمل , ب صمات أصابعي المنفرجة التي شبهتها بخمس جواهر مختلفة ..
قلت لي : ’’اقطفي هذه الأزهار , لا حقي تلك الفراشة ..’’لأنك سميت سيري , وكل انحناءة لجسدي أمام القرنفل الأرجواني, وحركة إعادة الشال على ظهري , كلما أطلت زهرة جديدة كنت تسمى كل هذا رقصة ..
وحدي في غرفتك ِ بينك وبين شعلة اللهب العالية للمصباح , قلت لي : ’’ أرقصي ’’ ولم أرقص .
مُقيَّدة إلى سريرك بوشاح اللذة الملتهب , كنت عارية بين ذراعيك , رغم ذلك سميتني راقصة والمتعة التي لا مهرب منها تهتز تحت جلدي ذاهبة من حلقي إلى ساقي المنحنية.
مرهقة ,عقدت شعري المنصاع , يلتوي فوق جبيني كما لو أنه ثعبان يُغري نايا .
غادرت منزلك أثناء ما تغمغم :’’ ليست أجمل رقصاتك , وأنت تتسارعين لاهثة ممتلئة برغبة قاسية موجعة أيضا , بفستانك ِ المشبكِ ولكن حين تبتعدين عني بأقدامك المقوَّسة , تبتعدين ونظراتك ِ لا تفارقني والذقن على الكتف ؛ يتذكرن يجسدك متذبذبا مترددا , سوف يتذكرني جسدك, ستندم وركاك ويشكرني حقوكِ وبينما تتلعثم قدماك العرافتان وهي تختار طريقها كنت تلتفتين وتنظرين نحوي ..
تذهبين كعادتك صغيرة مأخوذة بالشمس عند المغيب تذهبين إلى حيث تغيبين نهائيا عند أعلى المنخفض , نحيلة في فستانكِ البرتقالي , شعلة مستقيمة , رقصة متباطئة .
لو لم تتركيني لقصدت قبري الأبيض وأنا أرقص .
برقصة عفوية وفي كل يوم أكثر بطء , ا نحني للنور الذي يجعلني جميلة ويراني معشوقة .
لتمنحني الآلهة سقطة متناغمة ,يدي على جبهتي , رجل مطوية والأخرى ممدودة , كمن يستعد بوثبة خفيفة لاجتياز العتبة السوداء لمملكة الظلال .
ستضعني رقصتي التراجيدية الأخيرة ودها لوجه مع الموت , غير إنني سأقاوم ولن استسلم إلا في سمو.
سميتني راقصة ورغم ذلك لا أجيد الرقص.
قدم عارية طويلة على فمي
قدم طويلة في مواجهة القلب
أنت عطشي وحمَّاي
قدم الويسكي
قدم النبيذ
قدم مجنونة من الهزيمة
آه يا سوطي ويا ألمي
يقتلني الكعب العالي
أبكي لأني لم أمت
آه ايها العطش
عطش لا ينتهي
صحراء بلا منفذ
أنا الحمى
الرغبة
انا العطش
البهجة التي تسحب الفستان
والنبيذ الذي يحعلني اضحك لانه ما عاد عندي فستان ..
كوليت
ترجمة عبد الوهاب الملوح

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

إغلاق