أنفاس كمنجة
لن أكتب اللّيل
الذي تؤنّبني مخالبه
والقمر الثّمل
وأشجار الطّريق المليئة بكآبة ما.
لن أكتب حزن الرّصيف
وهجرة الغيم
وحيرة البحر لمّا احتضن الشّمس وأجراسها.
——————————
لن أكتب لسيّدة المساء
التي جمعت ركبتيها إلى صدرها
وأطلقت عينيها لتكتبا شكل البرق
وتابعت بأصابعها رجفة شفتين
أدماهما الانتظار.
لن أكتب سيرة الرّجل الذي يبدأ يومه
بتحليق عينيه عند شرفتها
وتقليم أفكارها البغيضة
كأن يقول ليديها “حضنكما دافئ
وهذا الصّباح أنفاس كمنجة.”
أو يضمّ شفتيه إلى قلبها
وتصرخ أصابعه جذلا
“لهذا الصّباح رداء ورائحة وأناشيد
ولحمك المجروح بيت كمنجة.”
———————————
لن أكتب أوهاما كبيرة كانت تطاردني
وأثقالا كسرت أقلامي
سأخترع عادات أخرى
كي أستعيد ثقة الرّوح بأحلامها
وأستعيد السّماء وأحضانها
كأن أمدّد أعضائي كسحابة تبغ
وأدرّب يدي على النّسيان.
أو أراقب صوم الهواء وأطباقه
وأستنشق خدرا خفيفا يتسلّق جذعي
من أثر أغنية سرّبها مذياع بعيد.
—————————-
لن أكتب..
سأنصت للأشياء الضّائعة
وربّما أفكّر أكثر من ذي قبل
في قصيدة حبّ لا تؤذي مشاعر المجروحين
ولا تثير غبار القلب.
قصيدة لامرأة تأخّر فجرها
وثملت بدموعها كلّما رفع القمر رداءه
أو تحرّكت في ليلها قافلة الغيم.
قصيدة لامرأة تضمّ البحر إلى صدرها
فيهتف رجل ما بكآبة
” حضنك دافئ
وهذا البحر أنفاس كمنجة “.