شعر فصحى

عباس رحيمة

موعد

يا عمري
أفي كلّ خطوةٍ دمعةٌ ساقطةٌ
وأمنيةٌ أم
أن تمرّ العاصفة بسلامٍ
قالتِ لي : أحيانًا على المرءِ أن يُحني قامته
لكي ينثني لغصنِ الشجرةِ
أن يهزَّ بدنه
أن يرقصَ نشوانًا
ويسقط الثمر
لا عليك
يابنيّ ستمرُّ الأمورُ كما تشاءُ.
لا تمسكْ غيمةً
وتتوسَّل لها أن تمطرَ
دعها تجرِّبُ أرضًا أخرى غير هذه
أنهارًا خاليةً من بقعِ الدمِ
دعها تكون أكثر نقاوةً
أفسحْ لها المجالَ
دعها تمرُّ فلا طاقةَ لديَّ
كأني أعصرُ الضوءَ
لأرى بصيصًا من الأملِ
أتصفَّح كتابًا جاثمًا على يدي
لم أرَ منه إلّا فضاءً هائلًا من البياضِ
لم أعثرْ على حرفٍ لأجدَ ماهيّتي
فأقول فزتُ بغنيمةِ اليومِ
أطلقتُ سهمَ الحرفِ
فأصابَ المغزى
أكتبُ عن فيضٍ من الحزنِ
ونكباتٍ جاثمةٍ على صدري الغريب.
أفتحُ شارعَ أيامي
وأركضُ خلفَ قطارٍ
مشيرًا
مترجيًّا أن يقفَ
ناسيًا أن له موعدًا للوقوفِ
ومحطةً تنتظرُ
تذكَّرتُ هذا
وانحنيتُ ساقطًا على ساقي
ساحبًا أنفاسي
كأني أعيد الحبلَ السريَّ إلى موطنه
تذكَّرتُ أمّي حينها
وضحكتُ
كنتُ أمسكُ بأطرافِ عباءتِها
وهيَ تمسكُ سلّةً مليئةً بالبيضِ
تهرولُ خلفَ الباصِ الخشبيِّ
وتشيرُ بأصبعها ليقفَ
كي تستقلّه الى المدينةِ
كنتُ أفوزُ بقبلةٍ وحلاوةٍ ورغيفٍ دافئٍ.
أمّا اليوم
فلم اغتنمْ منه شيئًا سوى توبيخٍ
بأنّي متأخّرٌ عن موعدي كالعادة
فأقول غدًا سأحظى برضاكِ
وأفوزُ بقبلة.
عباس رحيمة

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً

إغلاق
إغلاق